الاثنين، 30 أبريل 2012

أميرتي

 

الحلقة الأولى

 

 

في أحدى الغرف في بيت للطالبات المغتربات في كانت هاله نائمة و شعرها الأسود منتشرا على الوسادة و في تمام الساعة الثامنة صباحا أفاقت من نومها و هي تفتح عينيها بصعوبة بالغة فقد سهرت طوال الليل تذاكر فهي في بداية عامها الدراسي الأخير حيث تدرس اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة , دخلت هاله الى الحمام لتغتسل و تتوضأ لتصلي الضحى قبل التوجه الى كليتها لتلحق بالمحاضرة الأولى في تمام الساعة العاشرة و قد اعتادت هاله أن تذهب الى الجامعة سيرا على الأقدام و ذلك لتوفر المال ليكفيها طوال الشهر حيث أنها من أسرة بسيطة تعيش في الأرياف و هي ابنة وحيده لوالدتها المسنة والتي ربتها بمفردها بعد وفاة والدها منذ أن كانت طفلة صغيرة .

ارتدت هاله بنطالا من الجينز الأزرق و قميصا طويلا أبيض اللون و حذاءا أبيض و رفعت شعرها للأعلى و ارتدت نظارتها الطبية و حملت حقيبتها الزرقاء المصنوعة من قماش الجينز و غادرت الغرفة تاركة زميلتها عاليا نائمة فهي لا تلتزم بحضور محاضراتها في كلية التجارة , أغلقت هاله باب الغرفة بهدوء و نزلت لتبدأ رحلتها اليومية للجامعة حيث تستغرق خمس و أربعون دقيقة لتصل الى كليتها , و في طريقها و قفت لشراء افطارها الذي يتكون عادة من ساندويتش من الفول وكوبا من الشاي بأحد المطاعم الرخيصة في طريق الجامعة و بعد ان أنهت افطارها أكملت طريقها و لم تهتم لنظرات الأعجاب التي تحيط بها بالرغم من بساطة ملابسها الا أنها ممشوقة القوام و جميلة الملامح فعيونها سوداء واسعة تحيط بها رموشا طويلة و أنفها رقيق و شفتاها كأنها في قبلة دائمة و بشرتها بيضاء منتشرا بها بعض النمش الذي يزيد من جمالها الباهر, وصلت هاله الى قاعة المحاضرات و كانت سعيدة لأن اليوم هو يوم الخميس الأول من الشهر حيث ستسافر لتزور والدتها الحبيبة فهي تزورها مرة واحدة كل شهر حتى يكفيها المال الذي تبعثه اليها والدتها من معاش والدها البسيط لتكمل به الشهر كاملا , ابتسمت هاله و هي تتذكر كيف تقضي النصف الاخير من الشهر فقد تكتفي بوجبة واحدة فقط و ربما كوبان من الشاي طوال اليوم , كانت هاله تشعر بالرضا و لا تحزن لأنها لا تملك ملابس او هواتف محمولة مثل باقي زميلاتها بل كانت تتميز بين زميلائها بشخصيتها القوية و أخلاقها الراقية و كان لها الكثير من الأصدقاء خاصة أنها متفوقة و كل عام تكون من الخمس الاوائل على دفعتها , كانت هاله دائما تنتظر اليوم الذي تنهي فيه دراستها و يتم تعيينها كمعيدة في الكلية و تدخل السعادة على قلب والدتها الغالية فكرت هاله:

هاله ( وحشتيني أوي يا ماما ... فاضلي كمان محاضرتين و أركب القطر و اجيلك وأبات في حضنك انهارده ... يا ترى عملتيلي الملوخية اللي بحبها ؟؟؟ ولا صينية البطاطس ؟؟؟ لحسن بطني نشفت من الفول والطعمية .... يااااااااه يا رب الوقت يفوت بسرعة بقى.............)

أنهت هاله محاضراتها و اتجهت الى باب المبنى لتخرج منه فاستوقفها صوت شريف زميلها الذي يكن لها أعجابا لا يستطيع اخفاءه بالرغم من محاولته:
شريف:هاله ... رايحه فين علطول كده؟
هاله وهي تحاول انهاء المحادثه سريعا:ازيك يا شريف معلش اصلي مسافره البلد انهارده و عايزه الحق القطر, عن اذنك
شريف:تحب أوصلك المحطة بعربيتي؟
هاله بملل:شريف بقالنا تلات سنين وآدي الرابعة بقولك شكرا مبركبش عربيات مع حد
شريف:بس احنا زمايل في كلية واحده
هاله:معلش يا شريف وعن أذنك بقى
تنطلق هاله في طريقها بينما يقف شريف يتابعها بعينيه و يأتيه صوت صديقه هاني:
هاني:اييييييييييييييه يا بني روحت فين؟
شريف:هتجنني يا هاني
هاني:انا مش عارف عاجبك فيها ايه ؟ هي أي نعم حلوه بس بلدي أوي و مش ستايلك خالص
شريف:اسكت بقى متتكلمش عنها كده
هاني:يا بني ده انت كل البنات هتموت عليك , انت ناسي انت ابن مين؟
شريف:لا طبعا مش ناسي بس أنا بحبها بجد

هاني:بص يا شريف:هاله ده بنت جد وحاطه هدف لازم توصله ومش هتسمح لأي حد يعطلها حتى لو كان واحد زيك وبيحبها
شريف:يعني مش هتحبني أبدا؟؟؟؟؟؟؟
هاني:معتقدش , ويلا بقى يا معلم ده انهارده ليلة الخميس هنسهر للصبح
شريف:يلا بينا هنروح فين انهارده؟
هاني:انا بقول نروح سوليتير سمعت ان خالد سليم هيغني هناك
شريف:طيب يلا نروح نتغدى ونغير و ننزل
هاني:يلا بينا


و صلت هاله محطة القطار وجلست تنتظر وصول القطار و عندما وصل تدافع الناس للدخول الى عربة الدرجة الثالثة صعدت هاله و جلست بجوار سيدة مسنه ذكرتها بوالدتها و ظلت هاله طوال الطريق تفكر في مستقبلها و كيف أنها تريد تعويض والدنها عن كل ما عانته في سبيل تربيتها و تعليمها...................................




هناك تعليق واحد: